خطاب إفريقيا
أخر الأخبار

خطاب إفريقيا

المغرب اليوم -

خطاب إفريقيا

بقلم : حسن طارق

الانتباه إلى حجم الحيز الذي أخذته السياسة الخارجية في الخطاب الملكي الأخير بمناسبة ذكرى 20 غشت، يوضح لوحده التحول الكبير الذي طال تمثل المؤسسة الملكية لجدلية الداخل والخارج، بعد تجاوز المرحلة التي شكل الاهتمام خلالها بالسياسات الداخلية أولوية مطلقة في بدايات «العهد الجديد»، وهي المرحلة التي مثلت الجملة الشهيرة «تازة قبل غزة» عنوانها الأبرز.
هذا التحول المرتبط بالبحث عن تموقع جديد للمغرب داخل الساحة الدولية، رافقه إعادة ترتيب لأولويات دوائر السياسة الخارجية للبلاد، والانتقال من أداء خارجي مبني على الاصطفافات والتصنيفات الإيديولوجية، إلى أداء يريد أن يتحرر ما أمكن من الشبكة التقليدية لهذه التصنيفات، وأن ينتقل من سياسة خارجية بخلفية  «عقائدية» إلى سياسة خارجية مبنية على تقديرات موضوعية للمصلحة الوطنية، وهو ما يعني عمليا الانفتاح أكثر خارج خريطة العواصم التي طالما شكلت تاريخيا نقاط ارتكاز العمل الدبلوماسي المغربي، وهذا ما يرتبط بالتالي بالحاجة إلى تنويع الشركاء الدوليين .
وإذا كانت مقتضيات القضية الوطنية تجعل من الطبيعي أن تكون الصحراء المغربية داخل قلب الاهتمام الدولي، سواء في علاقة بالمنظمات الدولية وبالدول الكبرى، أو في علاقة بالعواصم المؤثرة في الساحتين العربية والإفريقية، فإنه بالموازاة مع ذلك، أصبح الموضوع الاقتصادي يفرض نفسه كواحد من المحددات الرئيسة لهذه السياسة الخارجية «الجديدة»، فضلا طبعا عن موضوعة «الأمن».
ضمن هذا السياق يمكن اعتبار الخطاب الملكي الأخير، مرافعة واضحة في باب إعادة تعريف الدائرة الإفريقية كأولوية استراتيجية للسياسة الخارجية .
حيث بسط هذا الخطاب العناصر الأساسية المحددة لمرجعية السياسة الإفريقية الجديدة للمملكة، وهنا فإن الكلمة المفتاح طبعا هي «الالتزام»، حيث تصبح هذه السياسة تعبيرا عن انخراط إرادي في قضايا شعوب إفريقيا .
وهذا ما يجعل الخطاب المؤطر والمواكب لهذه السياسة، يحمل دائما نفحة نضالية بحمولة «عالمثالثية»مدافعة عن الجنوب، وعن نظام اقتصادي عادل، حيث تعتمد مفرداته إدانة واضحة للاستعمار ولكل أشكال الهيمنة، ولا يتردد في تقديم نفسه كخطاب للحقيقة العارية المبتعدة عن المجاملات الدبلوماسية، وهي المفردات ذاتها التي فاجأت الرأي العام الوطني في رسالة ملكية سابقة إلى الأمم المتحدة، حول قضايا إفريقيا، قبل أن يتم تطويرها في مناسبة لاحقة في خطاب ملكي بإحدى العواصم الإفريقية.
  على مستوى الفعل، فإن هذه السياسة الإفريقية، اعتمدت منذ سنوات قليلة دبلوماسية ملكية مباشرة، إذ شكلت الزيارات المتواترة لعديد من بلدان القارة إحدى آلياتها، فضلا عن تقوية واضحة لأشكال الحضور الاقتصادي والشراكات المغربية الإفريقية، التي يصل مداها إلى أكثر من أربعين دولة .
الدبلوماسيتان السياسية والاقتصادية، وجدتا إلى جانبهما، كذلك، دبلوماسية جديدة تُعنى بالأبعاد الدينية والروحية، وتهتم بتدبير طلب مجتمعي مهم داخل كثير من الدول الإفريقية، على الإسهام في التأطير الديني، ونشر قيم الوسطية الإسلامية والاعتدال.
وهي السياسة التي تشكل عودة المغرب إلى الاتحاد الإفريقي، ترجمتها  المؤسسية الواضحة، باعتبارها التكثيف الطبيعي لعودة المغرب  السياسية والاقتصادية والروحية لمحيطه الإفريقي.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

خطاب إفريقيا خطاب إفريقيا



GMT 09:40 2019 الثلاثاء ,23 إبريل / نيسان

فعول، فاعلاتن، مستفعلن.. و»تفعيل» !

GMT 06:51 2018 الثلاثاء ,13 آذار/ مارس

من يسار ويمين إلى قوميين وشعبويين

GMT 07:57 2018 الثلاثاء ,06 آذار/ مارس

أسوأ من انتخابات سابقة لأوانها!

GMT 06:13 2018 الثلاثاء ,13 شباط / فبراير

خطة حقوق الإنسان: السياق ضد النص

GMT 07:07 2018 الثلاثاء ,30 كانون الثاني / يناير

المهنة: مكتب دراسات

أحلام تتألق بإطلالة لامعة فخمة في عيد ميلادها

القاهرة - المغرب اليوم

GMT 15:43 2023 الأربعاء ,13 أيلول / سبتمبر

رئيس مجلس المستشارين يستقبل سفير الولايات المتحدة

GMT 14:15 2023 الأربعاء ,04 تشرين الأول / أكتوبر

الدولار يتجه لتحقيق مكاسب للأسبوع الثاني عشر

GMT 05:44 2023 الثلاثاء ,11 إبريل / نيسان

تركيا تطلق قمرها الصناعي العاشر

GMT 11:55 2023 الجمعة ,10 آذار/ مارس

أفكار لتزيين المنزل بواسطة فوانيس رمضان

GMT 05:17 2023 الجمعة ,27 كانون الثاني / يناير

أبرز إطلالات النجمات التي ظهرت بأسبوع الموضة في باريس 2023
 
almaghribtoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
almaghrib, Almaghrib, Almaghrib