قاعد أنا و«أم ميئش» بنتفرج على التليفزيون، ودى من الأوقات القليلة اللى بأقدر فيها أخلو بنفسى مع «أم ميئش» فى الأيام الصعبة دى. وإحنا بنقلب فى القنوات لاقينا حلقة عن دبى واللى بتعمله دبى.
سألتنى «أم ميئش»: إزاى مصر مش زى دبى؟
قلت لها: أو على الأقل إزاى مصر ما فيهاش دبى، على اعتبار أنه يمكن أن نكرر نموذج دبى فى منطقة من مناطق مصر وليس فى كل مصر؟
استمرت «أم ميئش» فى أسئلتها: طيب ليه ما عملتوش كده؟
قلت لها: «العقل الخام بيفكر فى إمبارح والنهاردة. والعقل الحصيف بيفكر فى النهاردة وبكرة. وإحنا لسة ما عندناش العقول الحصيفة اللى ممكن تستفيد من مواردنا أفضل استفادة ممكنة، مع بطء الإجراءات وتعقد التفاصيل والتخوف من الثغرات الأمنية التى قد تفضى إلى غزو رأس المال المعادى لنا إلى مشاريع استراتيجية مهمة.
سألت «أم ميئش»: «طيب هم ليه الدول الأخرى مثل سنغافورة وتايوان والصين ما عندهاش نفس التخوفات؟»
قلت لها: «كان عندهم نفس التخوفات والمشاكل، ولكنهم كانت عندهم الإرادة والإدارة اللى خلتهم يكسروا كل القيود ويهزموا كل التخوفات، فانطلقوا وظللنا حيث نحن. هم كالطيور تحلق من مكان إلى آخر تستفيد وتتعلم ونحن كالشجرة التى زرعت كبذرة فى نفس المكان الذى عاشت فيه طول عمرها وستموت حيث هى.
سألت «أم ميئش»: طيب المفروض يحصل إيه يعنى؟
قلت فيها: زمان كان بيدرسوا لينا نظرية «الميزة التنافسية» أى تلك السلع والخدمات التى أنت فيها تتمتع بقدرة على منافسة الآخرين والانتصار عليهم فيها، إما بسبب وضع احتكارى أو وضع تكلفة منخفضة أو نوعية مختلفة. مصر تتمتع بوضع احتكارى فى موقعها بين قارات ثلاث، ومع ذلك نحن لم نستفد من هذا الوضع إلا فى مشروع قناة السويس من أيام ديليسيبس.
شرم الشيخ كان يمكن أن تكون دبى أخرى ولكنها بحاجة لعقول أهل دبى.
الأهرامات والآثار الفرعونية تتمتع فيها مصر بوضع احتكارى، ومع ذلك نحن لا نجيد استغلالها إما إهمالاً أو خوفاً على الآثار مع أنها فى النهاية يحرصها غفير بعصاية ويسرق منها الكثير.
سألت «أم ميئش»: طيب ليه ما تأجروش شرم الشيخ للناس اللى عملت دبى؟ يعنى مثلاً تعطوهم الأراضى هناك كحق انتفاع لمدة 99 سنة ويأتون لكم بأحسن الشركات والخبرات والمستشفيات والمنتجعات والفنادق والخدمات مثلما فعلوا هناك، مقابل ألا يكلف ذلك الحكومة المصرية أى شىء وأن يكون أغلب من يعملون فى المشروع من المصريين.
ولماذا لا تؤجرون الخدمات السياحية فى الأهرامات. يعنى مثلاً لو كانت الأهرامات تدر لكم عائداً مقداره 100 مليون دولار فى السنة، اعملوا مناقصة عالمية بشرط أن يكون الحد الأدنى فى العائد هو 500 مليون دولار ويزيد سنوياً 5 بالمائة لمدة 30 سنة. وخلوهم يعملوا زى ما هم عاملين من خدمات سياحية فى برج إيفيل فى باريس أو ساعة بيج بن فى لندن وهكذا.
معقولة عندكم تليفريك فى أحد المنتجعات المشهورة فى العين السخنة، ولا يوجد عندكم تليفريك فى الأهرامات. دى فى حد ذاتها متعة ما بعدها متعة.
انتفضت أم ميئش وتثاءبت وتحركت من مكانها، ثم قالت: «صحيح يدى الحلق للى بلا ودان».
ملحوظة: أم ميئش هى القطة بتاعتى وصورتها على الفيس بوك بوك بتاعى.
"الوطن"