الدار البيضاء ـ محمد خالد
اجتاحت أعمال شغب عدّة ملاعب كرة القدم المغربيّة (الدرجة الأولى والثانية)، بشكل أصبح يُثير القلق والخوف من تنامي هذه الأفعال المشينة، التي باتت بمثابة "فيروس" ينخر في جسد الكرة المغربيّة، ويُهدّد مستقبلها، خصوصًا أن المغرب مقبل على استقبال تظاهرات رياضيّة كبرى، مثل النسخة الحادية عشرة من مونديال الأندية نهاية العام الجاري، ونهائيات كأس أفريقيا في مطلع 2015.
وقد تعدّدت أنماط وأنواع الشغب التي ضربت الكرة المغربيّة، حيث لم يقتصر الأمر على أعمال العنف التي عادةً ما تندلع بين الجماهير في الملاعب، بل تعدّت ذلك إلى نشوب مواجهات خطرة بين المناصرين في الشوارع، بالإضافة إلى أعمال بلطجة وسرقة ذهب ضحيتها لاعبو أندية من طرف عناصر محسوبة على جماهيرهم، فقبل أسابيع اهتزّت أوساط اللعبة الشعبيّة على إيقاع مواجهات عنيفة جدًا بين جماهير فريقي المغرب الفاسي والجيش الملكيّ، أسفرت عن إصابات عدّة في صفوف جماهير الفريق الفاسي، مما خلّف موجة استنكار شديدة، وتحذيرات من تفاقم مثل هذه الأحداث، حيث حذّر المُهتّمون، من قرب تكرار سيناريو مماثل لمجزرة "بورسعيد" في المغرب.
ووقع حادثٌ مماثل، من خلال مواجهات عنيفة بين جماهير الجيش الملكي ونادي جمعية سلا، واعتداء من طرف محسوبين على جمهور الرجاء البيضاوي على مُشجّع للكوكب المراكشي بالسيوف والسكاكين تسبّب له في إصابات خطرة.
وفرضت هذه الأحداث المُرعبة على اتحاد كرة القدم المغربيّ التحرّك في اتجاه اتخاذ قرارات صارمة، من بينها منع تنقّل جماهير الأندية المغربيّة برفقة أنديتها، قبل أن يتم التراجع عن هذا القرار وتعويضه بآخر بتنسيق مع السلطات الأمنيّة، من خلال تعيين خلايا أمنية لمرافقة مُشجعي الأندية الذين يتنقلون مع فرقهم، وذلك للحيلولة من دون وقوع أية مواجهات أو أعمال شغب، فيما دقّ ارتفاع حدّة العداوة بين جماهير الأندية المغربيّة ناقوس الخطر، حيث ارتفعت الأصوات المُطالبة بإيقاف ما يحدث، خصوصًا بعد أن تحوّلت صفحات مواقع التواصل الاجتماعيّ إلى ميادين لتبادل السباب والتهديدات والوعيد بين المُشجّعين، وتوجّه أصابع الاتهام إلى "الأولتراس"، إذ يعتبر الكثير من المهتمين بالشأن الكرويّ، أن دخول هذه الظاهرة إلى الملاعب المغربيّة زاد من حدّة العدائيّة بين مُشجّعي الأندية، بدرجة أصبحت معها الأمور تخرج عن السيطرة وتبتعد كثيرًا عن كل ما هو رياضيّ وأخلاقيّ.
ويرفض "الأولتراس" الاتهامات المُوجهة إليهم، ويعتبرون أنفسهم إضافة أضفت رونقًا جديدًا على الملاعب الكرويّة في المغرب، مشيرين إلى أنهم ليسوا مسؤولين عن أعمال الشغب، وأنهم يقومون بدورهم في تأطير المشجّعين، لكن ذلك غير كاف، إذا لم تكن هناك مقاربة شاملة لمواجهة هذه الآفة الخطرة.
ويُفسّر علماء الاجتماع المغاربة، تنامي ظاهرة الشغب بين المُشجّعين، بالمشاكل الاجتماعيّة الكبيرة التي تعيشها شريحة عريضة من الشباب المغربيّ، حيث تتحول ملاعب كرة القدم إلى فضاء لتفريغ شحنات الغضب والكبت المتغلل في النفوس جرّاء الظروف الصعبة، علمًا أن تنامي ظاهرة الشغب في المغرب يأتي في ظل إصدار الحكومة المغربيّة قانونًا جديدًا يُجرّم ارتكاب مجموعة من الأفعال في الملاعب الرياضيّة، من خلال توقيع عقوبات قاسية على المُخالفين.
وينشب الشغب المعتاد بين جماهير أندية مختلفة سواء داخل الملاعب أو خارجها، إلا أن نمطًا جديدًا من هذه الآفة خرج إلى حيز الوجود خلال اليومين الأخيرين، بعد أن تحوّلت الاعتداءات في اتجاه اللاعبين من طرف جماهيرهم، ولعل ما شهده مركب الوداد بعد أن هاجم العشرات من المُسلّحين المحسوبين على جمهور الفريق، مقر النادي واعتدوا على اللاعبين والمُدرّب، وسلبوهم ممتلكاتهم من هواتف نقالة وساعات ومبالغ ماليّة، أكبر دليل على أن الأمور باتت خطرة جدًا، علمًا أن هذا الحادث كان الثاني من نوعه خلال 24 ساعة، بعد حادثٍ مماثل ذهب ضحيته لاعبوا فريق وداد فاس، وأسفر عن إصابة الحارس محمد البورقادي بجرح في القدم، سيبعده لمدة ثلاثة أسابيع عن الملاعب.
أرسل تعليقك
تعليقك كزائر