اختتمت المحادثات التي اجرتها الدول الكبرى حول النزاع السوري الثلاثاء في فيينا بدون تحقيق اي انفراج واضح فيما تجددت المواجهات في البلد المضطرب مع ارتفاع عدد الضحايا.
وصرح وزيرا الخارجية الاميركي جون كيري والروسي سيرغي لافروف بان المجموعة الدولية لدعم سوريا التي تشترك موسكو وواشنطن في رئاستها، اتفقت على تعزيز وقف اطلاق النار الهش.
الا ان الخلافات بين واشنطن وموسكو حول كيفية التعامل مع الازمة كانت واضحة، فيما اخفقت الامم المتحدة في تحديد موعد جديد لاستئناف محادثات السلام.
من ناحية اخرى، تحدث المرصد السوري لحقوق الانسان عن وقوع اشتباكات عنيفة بين مسلحي جيش الاسلام وفصائل مسلحة يدعمها تنظيم القاعدة ادت الى مقتل 50 مسلحا ومدنيين اثنين.
وقال مبعوث الامم المتحدة الى سوريا ستافان دي ميستورا انه لا يستطيع دعوة نظام الرئيس السوري بشار الاسد والمعارضة السورية للعودة الى محادثات السلام الا اذا كان هناك وقف "جدي" لاطلاق النار.
وقال كيري ان المجموعة الدولية لدعم سوريا اتفقت على ان انتهاك اي من الاطراف لوقف اطلاق النار ستكون له "عواقب"، متعهدا مواصلة الضغط على الاسد.
الا ان لافروف جدد التاكيد على موقف روسيا بان الجيش السوري هو افضل من يمكنه قتال تنظيم الدولة الاسلامية "الارهابي"، مجددا دعم موسكو له.
واقر كيري بان موعد الاول من اب/اغسطس الذي حدده مجلس الامن الدولي للاتفاق على اطار عمل سياسي في سوريا للعبور الى المرحلة الانتقالية هو مجرد "هدف" وليس مهلة نهائية.
الا ان كيري قال ان المجموعة اتفقت على تعزيز نظامها لمراقبة وقف اطلاق النار وان منتهكيه يعرضون انفسهم لخطر طردهم من عملية السلام.
وتتهم واشنطن قوات الاسد بانتهاك الهدنة وقصف المدنيين، في حين تتهم روسيا فصائل المسلحين بارتكاب مجازر.
وصرح كيري "اتفقنا على فرض عقوبات على اي طرف يتصرف بشكل يدل على ان لديه اجندة غير محاولة التوصل الى اتفاق ومحاولة التوصل الى سلام".
من جهته، اعتبر سالم المسلط المتحدث باسم الهيئة العليا للمفاوضات التي تمثل اطيافا واسعة من المعارضة السورية في بيان مساء الثلاثاء ان موقف كيري لا يعدو كونه تحذيرا من امكان "العودة الى الحرب الشاملة".
وجدد كيري اتهامه قوات الرئيس السوري بالتجويع المتعمد للمناطق المحاصرة، وقال انه سيطلب من الامم المتحدة اصدار اوامر لوكالات الاغاثة الانسانية التابعة لها بالقيام بعمليات اسقاط للمساعدات على المناطق المحاصرة.
وقال "ابتداء من الاول من حزيران/يونيو واذا تم منع الامم المتحدة من ايصال المساعدات الانسانية الى اي من هذه المناطق المحددة، فان المجموعة الدولية لدعم سوريا تدعو برنامج الاغذية العالمي الى تنفيذ برنامج لاقامة جسر جوي واسقاط جوي (للمساعدات) فورا الى جميع هذه المناطق المحتاجة".
وكررت الهيئة العليا للمفاوضات في بيانها انه "لا يمكن التوصل الى حل اذا استمرت بلادنا ضحية ارهاب نظام يرفض ادخال المساعدات الضرورية" الى المناطق المحاصرة.
من ناحيته اكد لافروف دعم بلاده للجيش السوري في مواجهة الارهاب، وقال "نحن لا ندعم الاسد، بل ندعم القتال ضد الارهاب (..) وعلى الارض لا نرى أي قوة حقيقية أكثر فعالية من الجيش السوري رغم جميع نقاط ضعفه".
واتهم لافروف اعضاء في المجموعة الدولية لدعم سوريا بمعارضة شن ضربات ضد جبهة النصرة المرتبطة بتنظيم القاعدة والتي لا يشملها وقف اطلاق النار.
وقال لافروف "هذا يعني ان جبهة النصرة ينظر اليها على انها وسيلة لاحتواء النظام الحالي، وهذا تطور خطير"، مؤكدا انه سيناقش هذه المسالة مع كيري.
ونفى لافروف ان تكون الانتهاكات المستمرة لوقف اطلاق النار تظهر ان تاثير موسكو على حليفتها دمشق اقل مما كان يعتقد سابقا.
وقال "بالنسبة لمسالة ما اذا كان الاسد يتجاهل نصائحنا وعملنا معه، فكلا، انه لا يتجاهلها".
واكد ان "الاسد يعي تماما ويتذكر انه تعهد مسؤولية الالتزام بالخطوات المتتالية المنصوص عليها في القرار 2254".
الا ان لافروف ذكر بان قرار مجلس الامن الدولي الذي اقر خطة السلام نص على ان العملية الانتقالية يمكن ان تستغرق 18 شهرا، وذلك بعد الاتفاق على اطار العمل.
- استمرار القتال -
من ناحيته قال دي ميستورا انه لا يمكنه الدعوة الى استئناف المحادثات التي تتوسط فيها الامم المتحدة في جنيف في حال استمر القتال.
وقال في اشارة الى احتمال استئناف المحادثات غير المباشرة بين الاطراف المتحاربة "لن اكشف حاليا التاريخ المحدد".
واوضح ان "اجراء محادثات جادة بين السوريين لن يتحقق الا في حال وجود وقف جدي للاعمال القتالية وحدوث تقدم حقيقي على الجانب الانساني".
وفي اعقاب المؤتمر الصحافي اصدرت المجموعة الدولية لدعم سوريا بيانا مشتركا اتفقت فيه على تعزيز وقف اطلاق النار وارسال مساعدات انسانية ودفع عملية السلام في سوريا.
وفي خبر ايجابي على الاقل من وجهة نظر واشنطن، قال كيري ان المجموعة الدولية لدعم سوريا التي كانت تضم 17 بلدا ضمت اليها اعضاء جددا هم اليابان واستراليا واسبانيا وكندا.
الا ان حلفاء واشنطن في عملية السلام خصوصا الدول العربية التي تدعم مقاتلي المعارضة السورية، يشعرون باحباط متزايد من اصرار الاسد على البقاء في الحكم.
واكد وزير الخارجية الالماني فرانك فالتر شتاينماير لدى وصوله الى فيينا الاثنين ان "لا مستقبل اكيد لسوريا بوجود الاسد".
ميدانيا، تتعرض الهدنة بين قوات النظام ومقاتلي المعارضة التي بدأ تنفيذها في نهاية شباط/فبراير الماضي بضغط روسي واميركي، لانتهاكات متكررة ما تطلب اقرار تهدئة مرات عدة، لا سيما في حلب في شمال البلاد.
فقد قتل ليلة الاثنين الثلاثاء سبعة اشخاص بينهم ثلاث نساء وثلاثة اطفال في قصف لقوات النظام على منطقة في حي السكري الواقع تحت سيطرة فصائل المعارضة، كما ذكر المرصد السوري لحقوق الانسان.
وفي محافظة ادلب (شمال غرب)، قتل ثمانية اشخاص بينهم اربع نساء وثلاثة اطفال في قصف لقوات النظام ليل الاثنين الثلاثاء على مناطق في بلدة بداما بريف جسر الشغور الغربي.
ويسيطر تحالف من فصائل عدة ابرزها جبهة النصرة على محافظة ادلب.
وفي الغوطة الشرقية في ريف دمشق، قتل خمسون مسلحا معارضا ومدنيان خلال اشتباكات عنيفة بين فصائل اسلامية الثلاثاء في اطار صراع على النفوذ مستمر منذ نهاية الشهر الماضي، وفق ما اورد المرصد.
واوقع النزاع في سوريا منذ آذار/مارس 2011 اكثر من 270 الف قتيل وخلف دمارا هائلا وادى الى نزوح نصف السكان داخل وخارج البلاد.
أرسل تعليقك
تعليقك كزائر