كشفت صحيفة "نيويرك تايمز" إن مشروع قانون الإنفاق الشامل الأميركي تضمن إشارات إزاء شن الحملة العسكرية على تنظيم داعش، ربما تكون مؤشرا على إجازة الكونغرس للحرب على التنظيم في المستقبل القريب، فيما يبدو أن البيت الأبيض وزعماء في مجلس النواب الأميركي تخلوا عن صياغة قرار جديد يُجيز استخدام القوة العسكرية من شأنه أن يضع معايير واضحة للصراع المتزايد.
ويتضمن مشروع قانون الإنفاق الشامل، الذي يمرره الكونجرس الأمريكي، الشهر الجاري، إشارات صريحة عديدة إزاء شن الحملة العسكرية على تنظيم "داعش"، والميزانية التي تقدر بنحو 58.7 مليار دولار، التي ستتيح لوزارة الدفاع الأميركية "بنتاغون" استكمال حربها لتلك الجماعة الإرهابية في العراق وسورية، سواء بالقنابل أو بالقوات العسكرية على الأرض.
وأضافت "نيويرك تايمز"، في افتتاحيتها الأحد، أنه ربما يكون من الملائم سياسيا للمشرعين، الذي يرون أنه لا يوجد مكسب سياسي ولا زيادة مخاطر، التصويت على مشروع القانون، إلا أن تخلي المشرعين عن أحد أهم مسؤولياتهم بموجب الدستور، الذي أعطى الكونغرس الحق الحصري في إعلان الحرب، يدعم دون حكمة تجاوز السلطة التنفيذية لصلاحيتها.
ونقلت الصحيفة، عن مدير معهد الدراسات الإستراتيجية في كلية "الحرب" التابعة للجيش الأميركي دوجلاس لافليس الابن، قوله إنه "لم يعد الرئيس أوباما وحده، بل رؤساء آخرون أصبحوا أكثر تحررا في تفسير قوتهم كقائد أعلى للقوات المسلحة"، وأضاف أن "الرئيس يمكنه جر الأمة إلى الحرب، وبمجرد أن تصبح القوات الأميركية على طريق الخطر، سيقول زعماء الكونغرس حينها دعونا نقطع تمويلهم".
وخلال العقود الماضية، وقعت مناوشات بين المشرعين والرؤساء الأميركيين بشأن النزاع على تفسير سطلتهم إزاء مسألة شن الحرب، وكانت هذه مسألة مثيرة للجدل منذ إصدار الكونغرس قرار "سلطات الحرب" عام 1973، بما يكفي من الأصوات ليتجاوز حق الرفض "فيتو" للرئيس السابق نيسكون.
ووفقا للصحيفة، فإن القرار يتطلب من البيت الأبيض الحصول على تفويض صريح من الكونغرس لإطلاق حملة عسكرية في غضون 60 إلى 90 يوما، بعد نشر القوات في منطقة النزاع، وقد تم اعتماد قرار "سلطات الحرب" بسبب فشل نيكسون في التشاور مع الكونغرس بشكل كاف حول الشؤون العسكرية المتعلقة بحرب فيتنام.
ومنذ صدور ذلك القرار، أيد الكونغرس رسميا 4 علميات تدخل عسكري خارج الولايات المتحدة، تمثلت في نشر قوات "المارينيز" في لبنان عام 1983، وحرب الخليج عام 1991، في أعقاب نقاش سياسي عنيف حول استخدام القوة العسكرية، ثم سمح الكونغرس بالغزو الأميركي لأفغانستان عام 2001، ثم العراق عام 2003، في أعقاب هجمات 11 سبتمبر 2001، وحظي الأمر حينها بتدقيق قانوني وسياسي أقل.
وتم تفسير التفويض الأول للكونغرس، سلطات واسعة للبيت الأبيض، لاستهداف تنظيم "القاعدة"، بشكل مفرط على نطاق واسع من إدارة الرئيس الأميركي باراك أوباما، التي لا تزال تعتمد عليه لمحاربة الجماعات المسلحة في جميع أنحاء العالم. وبموجب هذه السلطة، تم إطلاق الحملة العسكرية ضد الدولة الإسلامية، التي صُنفت في البداية في على أنها "تدخل إنساني قصير المدى"، ثم ما لبث أن تحول لاحقا إلى حملة آخذة في التوسع، تشمل حاليا القوات البرية، والتي تطلق عليها وزارة الدفاع الأميركية مجازا "قوات الاستهداف المتخصصة للتدخل السريع".
وفي الوقت الذي يوجد توافق سياسي واسع في الغرب أن هناك حاجة إلى رد عسكري قوي لمحاربة فساد الدولة الإسلامية، فإن الكونجرس غير راغب في الاستمرار في هذا النوع من المداولات الموضوعية، التي يخوضها المشرعون في ألمانيا وبريطانيا مؤخرا، بشأن إن كانت دولهم مستعدة للمساهمة في هذا الجهد.
وبفشل الكونغرس في النقاش والموافقة على تفويض الحرب، فإنه يتهرب من مجموعة من الأسئلة الحاسمة إزاء واجباته، بما في ذلك الأهداف المحددة للحملة في سورية، وما كانت الإستراتيجية الحالية هناك، من المرجح أن تحقق هذه الأهداف أم لا. وهذا النقاش ينبغي أن يحدد بوضوح الحدود الجغرافية والزمنية لاستخدام القوة العسكرية، وإيجاد وسيلة للتخلص من القرارين اللذان تم تمريرهما قبل غزو أفغانستان والعراق.
وحسب "نيويورك تايمز"، دعا بعض المشرعين، بمن في ذلك عضوا مجلس الشيوخ تيم كين من فرجينيا، وهو ديمقراطي، وجيف فليك من أريزونا، وهو جمهوري، زملاءهم للتصويت على قرار جديد للتفويض للحرب، لكن قادة الحزبين في مجلسي النواب والشيوخ، المذعورين من المخاطر السياسية المحتملة من وجود نقاش صادق، رفضوا جعل ذلك أولوية.
واعترف رئيس مجلس النواب بول ريان، بأهمية استبدال تفويض الحرب لعام 2001، "لإعلان مهمتنا فيما يتعلق بـ(داعش)"، لكنه يبدو من غير المحتمل حشد الدعم للحصول على تفويض جديد، لاسيما وأن زعيم الأغلبية في مجلس الشيوخ ميتش ماكونيل، يُبقي بشكل غريب على أنه "لا يريد تمرير أي قرار من شأنه تقييد صلاحيات الرئيس المقبل".
أرسل تعليقك
تعليقك كزائر