دخل المرشح المحتمل للرئاسة الأميركية، دونالد ترامب، التاريخ كأول شخصية منذ العام 1945 الأكثر تشابهًا بالزعيم النازي أدولف هتلر، إثر دعوته لـ"حظر كامل" يُفرض على دخول المسلمين إلى الأراضي الأميركية، في تصريحات أثارت عاصفة من الانتقادات، وحملة تنديد في الولايات المتحدة وخارجها.
واعتبر البيت الأبيض أن اقتراح ترامب يجعله غير مؤهل للرئاسة، فيما نبه وزير الأمن الداخلي الأميركي جي جونسون إلى أن الأمر سيقوّض الأمن القومي للولايات المتحدة.
وتوحي عناوين صحف وصُوَر نُشرت لترامب وانتقادات من الحزبين الجمهوري والديمقراطي، بأن البليونير بات مثل "هتلر أميركا"، من خلال مقارنة تصريحاته المعادية للمسلمين بمناهضة النازية لليهود.
وعلى وقع جدل أثاره مقتل 14 شخصًا في كاليفورنيا برصاص زوجين مسلمين متطرفين، طالب ترامب بحظر دخول المسلمين الولايات المتحدة، إلى أن يضع نواب البلاد تصورًا لما يحدث، ورأى أن الكراهية تفوق التفاهم، مرجحًا مزيدًا من حوادث برجي مركز التجارة العالمي، في إشارة إلى هجمات 11 أيلول/ سبتمبر 2001.
ورغم الانتقادات، دافع ترامب عن تصريحاته، معتبرًا أن اقتراحه يشبه وضع أشخاص من أصول يابانية وألمانية وإيطالية، في معسكرات اعتقال خلال الحرب العالمية الثانية، أثناء عهد الرئيس الأميركي الراحل فرانكلين روزفلت، مضيفًا: ما أقوله لا يختلف عمّا فعله روزفلت، لا خيار آخر لدينا، هناك أشخاص يريدون نسف مبانينا ومدننا. نحن في حالة حرب، ولدينا رئيس لا يريد قول ذلك.
وإعلان ترامب ليس له تأثير قانوني على واقع المسلمين، أو قوانين الهجرة، وينحصر في نطاق شعبي وانتخابي، لحشد القاعدة اليمينية وراء المرشح الذي بدأ يتراجع أمام السيناتور تيد كروز في استطلاعات الرأي في ولاية آيوا، حيث ينطلق السباق الجمهوري في 1 شباط/ فبراير المقبل.
دعوة ترامب أطلقت عاصفة تنديد تُعتبر سابقة، سياسيًا وانتخابيًا في الوسط الأميركي، وغزت صوره، إلى جانب صور أدولف هتلر، وسائل الإعلام ومواقع التواصل الاجتماعي.
كما وحَّد ترامب النخبة الجمهورية والديموقراطية ضده، من خصومه الجمهوريين في معركة الرئاسة، مثل جيب بوش الذي كتب أن دونالد ترامب مختل وفقد صوابه، واقتراحاته ليست جدية، إلى الرئيس الجمهوري لمجلس النواب بول راين، وديك تشيني، نائب الرئيس السابق، الذي اعتبر أن تصريحاته تتعارض مع كل ما ندافع عنه ونؤمن به.
ورأت المرشحة الديمقراطية للرئاسة هيلاري كلينتون، أن اقتراح ترامب مُستهجن ويثير انقسامًا وينطوي على أحكام مسبقة، وتوجهت إلى ترامب بالقول "أنت لا تدرك الأمور، هذا يجعلنا أقل أمانًا"، فيما أبدت هوما عبدين، نائب مدير حملتها الانتخابية، فخرًا بكونها مسلمة.
وسخر نائب مستشار الأمن القومي الأميركي، بن رودس، من اقتراح ترامب، مضيفًا: إنه يناقض قيمنا بوصفنا أميركيين، ويتعارض مع أمننا، فيما شبّه نهاد عوض، المدير التنفيذي لـ"مجلس العلاقات الأميركية– الإسلامية"، تصريحاته بالسياسات النازية ضد اليهود، وزاد أن الأخير يبدو مثل زعيم للغوغاء، أكثر منه زعيم أمة عظيمة مثل أمّتنا. هو وآخرون دمي في أيدي داعش.
وحذرت مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين من تأثير تلك الدعوة في "برنامج مهم جدًا" لإعادة توطين اللاجئين السوريين في الولايات المتحدة، وندد بموقفه أيضًا منافسوه الجمهوريون للانتخابات التمهيدية ماركو روبيو وجون كاسيش وكريس كريستي وليندسي غراهام.
من جهته، ذكر المرشح الديمقراطي مارتن اومالي أن "دونالد ترامب بدد كل الشكوك: هو يقوم بحملته الرئاسية بشكل فاشي وديماغوغي".
وفي فرنسا، اعتبر رئيس الوزراء مانويل فالس في تغريدة أن ترامب، مثل آخرين، ينمي الكراهية والخلط بين الأمور، عدونا الوحيد هو التطرف الإسلامي، في حين ذكر رئيس الوزراء البريطاني ديفيد كاميرون أنه يعارض تمامًا مقترح ترامب الذي وصفه بأنه ببساطة سيئ وغير مجد ومن شأنه أن يزرع الشقاق.
وجاءت تصريحات ترامب ردًا على باراك أوباما الذي حض الأميركيين في خطابه الأحد الماضي، على تفادي الخلط بين مجموعة "داعش" المتطرفة والإسلام، وقال أوباما "لا يمكن أن يحمل بعضنا على البعض لنحوّل المعركة إلى معركة بين أميركا والإسلام (...) المسلمون الأميركيون هم أصدقاؤنا وجيراننا".
وأعلن ترامب أنه يريد غلق الحدود الأميركية أمام المسلمين. وأوضح بعد ساعات من ذلك وسط تهليل أنصاره في كارولاينا الجنوبية: لديّ أصدقاء مسلمون وهم أناس جيدون جدًا، لكنهم يعرفون أن هناك مشكلة ولم يعد بإمكاننا التساهل إزاء ذلك.
وبرر الملياردير ترامب موقفه بأن الكثير من المسلمين يؤيدون الجهاد العنيف ضد الأميركيين أو يفضلون العيش وفق تعاليم الشريعة الإسلامية وليس الدستور الأميركي، مشيرًا إلى استطلاع معهد هامشي يديره فرانك غافني، الذي وصفه مركز "ساذرن بوفرتي لو" المناهض للعنصرية بأنه مؤسسة تناهض الإسلام.
وحتى بالقياس إلى تصريحات نارية سابقة للملياردير، فإن مقترحه بدا استثنائيًّا وجاءت ردود الفعل السياسية في مستوى مقترح يبدو منتهكًا مباشرة للدستور الأميركي ومنع التمييز على أساس الدين.
وحوت ردود الفعل عبر وسائل التواصل الاجتماعي (هاشتاغ) مملوءة بأوصاف منها عنصرية وفاشية ومتعصب.
كما رفضت منظمتان دوليتان هما المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين والمنظمة الدولية للهجرة تصريحات ترامب، وقالتا إن خطاب حملة الرئاسة الأميركية يهدد جهود إعادة التوطين.
أرسل تعليقك
تعليقك كزائر