تعصف خلافات عميقة بين الدول الـ 162 الأعضاء في «منظمة التجارة العالمية» قبل مؤتمرها الوزاري الذي يُعقد من 15 إلى 18 الجاري في
نيروبي، وهو الأول الذي تستضيفه أفريقيا.
فبعد عامين من مؤتمر بالي حيث نجح الوزراء في اللحظة الأخيرة في إبرام اتفاق جمركي يُفترض أن يعزز التجارة العالمية، يلتقي الوزراء مجدداً لبحث
ملف دورة الدوحة المعلق منذ 14 سنة. وترمي دورة الدوحة إلى تحرير التجارة العالمية على أساس متعدد الطرف، وتشمل مكاسب خصوصاً للدول النامية، لكن
المفاوضات في شأنها تتعثر منذ سنوات.
وعلى هذه الخلفية قرّرت الدول التفاوض على اتفاقات إقليمية خارج المنظمة التي تتخذ جنيف مقراً، في منافسة مباشرة لها. وتطرح المنظمة مواضيع معقدة
على مستوى تنظيم التجارة العالمية، على غرار الدعم والمساعدات والحواجز الجمركية والمخزون الغذائي.
وتهدف النقاشات إلى تبسيط هذه القواعد وإضفاء أكبر قدر من الشفافية عليها لئلا تشكل عوائق أمام تطوير العلاقات التجارية بين الدول. لكن نظراً إلى
عدم صدور أي نتيجة ملموسة في خصوص الدوحة، يعتبر بعضهم مؤتمر نيروبي فرصة أخيرة لذلك.
وصــرّحـت الـمــفــــوضـة الأوروبية للتجارة العالمية، سيسيليا مالمستروم، أمام البرلمان الأوروبي بأن مؤتمر نيروبي «حيوي بالنسبة إلى
مستقبل منظمة التجارة العالمية». وأضافت: «تدهورت الأحداث في جنيف في الأيام الأخيرة في شكل درامي، ما يؤكد أننا سنشهد مؤتمراً وزارياً شديد
الصعوبة في نيروبي».
ولم تؤدِّ الاجتماعات التحضيرية، التي عقدت في جنيف في الأسابيع والشهور الماضية، إلى أي تقدم ما يعزز الآمال بإحراز نتائج إيجابية في نيروبي،
على ما أفاد مصدر مقرب من المنظمة.
وتوقع وزير الدولة الفرنسي للتجارة الخارجية ماتياس فيكل، في جلسة استماع في الجمعية الوطنية في باريس «مفاوضات صعبة» في نيروبي. وقال: «الأمل لدي
ضعيف» بأن يؤدي مؤتمر نيروبي إلى «إبرام اتفاق واسع النطاق، حتى أنني لن استخدم كلمة شامل، وطموح».
وأشار مصدر في نيروبي إلى أن الاجتماع سيبحث «في جدول أعمال دورة الدوحة ومستـــقبلها وبـــرنامج العمل في العام المقبل ودعـــم صادرات القطاع
الزراعي الذي يجب أن يلغى، والإجراءات التي يجب اتخاذها لمصلحة الدول الأقل تقدماً».
وفي ما يتعلق بجدول أعمال دورة الدوحة الذي غالباً ما يطرح في المنظمة منذ 14 عاماً، ينقسم الأعضاء بين من يريد التفاوض بأي ثمن، ولو كان الثمن
إحراز تقدم محدود من جهة، ومن يريد طرح مواضيع جديدة من جهة أخرى. ويريد البعض مراجعة لائحة الدول النامية التي تتلقى معاملة خصوصاً في شكل يفرض
مزيداً من القيود.
وبالنسبة إلى ملف «المنافسة في التصدير» المدرج أيضاً على جدول أعمال مؤتمر نيروبي، يمكن إبرام اتفاق كما أفاد مصدر ديبلوماسي أكد وجود اقتراح
مطروح صاغه الاتحاد الأوروبي والبرازيل وحصل على دعم الأوروغواي والباراغواي والبيرو والأرجنتين ونيوزيلندا، وأضاف: «سيتوجب التوصل إلى
تسوية مع الأميركيين في شأن هذا الملف».
يذكر أن على الوزراء بحث سلسلة إجراءات محددة خصت بها الدول الأكثر فقراً التي عرفت بعبارة «الدول الأقل تقدماً». وصرّح مصدر مقرّّب من الملف أن
«التفاصيل الملموسة ستناقش في نيروبي».
وتوفّر الولايات المتحدة معاملة خاصة للدول الأفريقية الأقل تقدماً لكنها تتردّد في توفيرها لدول آسيوية يشملها هذا التصنيف.
كما سيشمل المؤتمر الوزاري توقيع دولتين عضوين جديدين رسمياً لوثيقة الانضمام هما ليبيريا وأفغانستان.
أرسل تعليقك
تعليقك كزائر