عثر باحثون متخصصون في تاريخ الفن على لوحة من روائع أعمال الفنان الهولندي الشهير رامبرانت، تُصور رجلًا في الزي العسكري وسط توقعات بأن تكون هناك صورة أخرى مخفية تحت اللوحة الأصلية.
ويعتقد الباحثون أنّ اللوحة رسمت بين عامي 1630 و1631، وتتميز بطبقات من الطلاء الزيتي التي لا مثيل لها، ويعتقد الخبراء أن الصورة المخفية تحت اللوحة الأصلية ربما تكون للفنان ذاته في القرن الـ 17 عندما كان في فترة شبابه.
ويأمل مؤرخو الفن في أن تكون هناك لوحة أخرى تحت اللوحة الشهيرة، إذ تمكنوا عبر تقنيات التصوير المتقدمة من الوصول إلى الطبقات السفلية من اللوحة ورسم الصورة التحتية على لوحات خشبية حتى يتمكنوا من رؤيتها للمرة الأولى منذ 385 عامًا.
ويبدو أن الفنان الهولندي قلب اللوحة رأسا على عقب قبل البدء في رسم لوحته الأصلية الشهيرة الموجودة حاليا في متحف J Paul Getty في لوس أنغلوس، وكشف العلماء قيام الفنان رامبرانت بمراجعة لوحته الأصلية من خلال إعادة طلاء العينين لخفضها قليلا.
وأوضحت الدكتورة Karen Trentelman الباحثة في معهد Getty Conservation Institute، "استطعنا رسم اللوحة التحتية من خلال الاستفادة من التطورات التكنولوجية الأخيرة، وعادة ما يجد الباحثون عدد من الأدوات المحدودة متاحة لهم للدراسة، إلا أن دراسة هذه اللوحة الأصلية والرسم التحتي على مدار سنوات جعلنا نتمكن من استخدام التقنيات الجديدة، واستطعنا من خلال المسح الضوئي الكشف عن الأصباغ المستخدمة في التكوين الأولى للوحة وهو ما منحنا صورة أكثر تفصيلا للوحة التحتية".
يُذكر أنّ الفنان الهولندى رامبرانت فان راين الذي توفي في أمستردام في عام 1669 عن عمر يناهز 63 عاما، يعد واحدا من أهم الفنانين الهولنديين ومساهما بارزا فيما يسمى بـ "العصر الذهبي الهولندي"، وعرف الفنان خلال الأيام الأولى من حياته بإعادة استخدام الألواح الخشبية وألواح النحاس.
وتعتبر لوحته التي تجسد رجلا كبيرًا في السن يرتدي الزي العسكري واحدة من أروع أعماله حيث يرتدي الرجل قبعة بها ريشة فضلا عن درع على صدره، ويعتقد أن اللوحة ترمز إلى الهولندي الوطني خلال النضال من أجل الاستقلال عن إسبانيا، واستخدام رامبرانت دهانات دقيقة تتناسب مع قوام الملابس التي يرتديها الرجل.
وجرت محاولات عدة لفحص اللوحة في عام 1968 بواسطة الأشعة السينية للكشف عن ملامح اللوحة التحتية ورغم تكرار هذه المحاولات إلا أن الرسم التحتي بقي غير واضح، وفي أحدث فحص للوحة والمنشور في دورية Applied Physics A جمع الباحثون بين اثنين من التقنيات الأولى هي تقنية تنشيط "النيوترون" للتصوير الإشعاعي والثانية تتمثل في تقنية المسح الفلوري بواسطة "ماكرو إكس راي" للحصول على نظرة أكثر وضوحا.
وأمضى الباحثون أكثر من 30 ساعة لإجراء عملية المسح للوحة، وكشفت الدراسة الأولى للوحة عن شكل الرجل الذي يرتدي ما يشبه العباءة، كما قدمت الكثير من التفاصيل عن التركيب الكيميائي للأصباغ المستخدمة في لوحة رامبرانت، وأوضح الباحثون أن وجهة الرجل في الصورة الخفية التحتية كان غنيا بالزئبق، ما يشير إلى وجود أصباغ قرمزية كواحدة من المكونات الأساسية لطلاء الجسد.
كما ظهر النحاس الذي يرتبط بالأصباغ الزرقاء أو الخضراء على عباءة الرجل في اللوحة، وهو ما سمح للباحثين بإعادة إنشاء الألوان بشكل رقمي من الصورة المخفية، ويأمل الباحثون حاليا من خلال دراسة اللوحة الخفية في التعرف على مدى تطور عمل الفنان رامبرانت.
واهتم رامبرانت في السنوات الأولى من عمله بشكل مكثف بالفراسة والتعبير، إذ يعتبر وجهه الخاص نقطة الانطلاق للرؤوس الحية في لوحاته، وذكرت آن ووليت أمينة اللوحات في متحف غيتي، "هناك احتمال قوي بأن تكون الصورة الكامنة وراء لوحة الرجل العجوز في الزي العسكري هى صورة استخدم فيها رامبرانت ملامحه الخاصة".
أرسل تعليقك
تعليقك كزائر