دبي - المغرب اليوم
ترك تراجع أسعار النفط عالمياً تأثيرات في الاقتصاد الإماراتي خصوصاً، واقتصادات الدول التي تعتمد على عائدات النفط عموماً، كما انسحب هذا التأثير بدرجات متفاوتة على المستهلكين الأفراد من مواطني البلاد والمقيمين فيها بسبب ارتفاع دخل المواطنين والمساعدات الاجتماعية التي توفرها الحكومة، إضافة إلى اختلاف نمط الحياة المعيشية للوافدين والمقيمين بسبب العادات الاجتماعية والحياتية للطرفين.
وبدأت هذه الفروقات بالتقلص نتيجة ارتفاع نسبة الاختلاط الاجتماعي بينهما، وتأثر كل منهما بالعادات وأساليب العيش التي تحكم المجتمع الإماراتي، وتلك التي حملها المقيمون معهم من دولهم. وبرز تأثير أسعار النفط على الناس عموماً بعد التراجع الكبير من نحو 120 دولاراً للبرميل منتصف عام 2014، إلى نحو 27 دولاراً للبرميل، قبل أن يتعافى ليراوح حالياً عند 55 دولاراً، ولذلك سجل مؤشر أسعار التجزئة مستويات متباينة خلال الفترة الماضية، بعد تراجعه مع التحسن النسبي في أسعار النفط والسياسات التي اتخذتها الدولة للحد من تأثير هذا الانخفاض على الاقتصاد الوطني.
وأكد وزير الاقتصاد سلطان بن سعيد المنصوري أن انخفاض أسعار النفط سيؤثر إيجاباً في نمو العديد من القطاعات غير النفطية، على رغم أن هذا الانخفاض قد يشكل تحدياً للناتج المحلي الإجمالي، نظراً إلى أن الإمارات لا تزال تعتمد في إيراداتها على صادرات النفط ومشتقاته بنحو 31 في المئة.
وأضاف أن تقديرات الوزارة تشير إلى انخفاض التضخم إلى 3 في المئة عام 2016، من 3.8 في المئة عام 2015، موضحاً أن «هذه النسبة مقبولة بالنسبة إلى مستوى دخل الفرد، خصوصاً إذا ما قورنت بالأوضاع المحلية في العديد من الدول المجاورة». وتوقع أن «يصل حجم الناتج المحلي الإجمالي بالأسعار الجارية إلى 1.8 تريليون درهم (عام 2016)، وأن يصل نمو القطاعات غير النفطية بالأسعار الحقيقية إلى 3.6 في المئة خلال العام الحالي».
وأكد المنصوري «ارتفاع الإنفاق الحكومي بين 4.5 في المئة و6 في المئة مقارنة بفترة ما قبل انخفاض أسعار النفط، على رغم تراجع الموارد النفطية». وقال إن «الأداء الاقتصادي الجيد الذي حققته الدولة سيستمر خلال العام الحالي والسنوات المقبلة، نتيجة توجه الدولة نحو تبني سياسات مالية لتحفيز النمو، وساعدها في ذلك متانة اقتصادها وتوافر الفوائض والاحتياطات المالية المتراكمة لديها، غير أن ذلك لم يحدّ من ارتفاع أسعار التجزئة عام 2016 مقارنة بالعام السابق».
واللافت أن ارتفاع أسعار التجزئة تفاوت، فبلغ الارتفاع بالنسبة إلى الأسر المواطنة 1.7 في المئة، ولشريحة الأسر غير المواطنة 2.3 في المئة، وللأسر الجماعية 2.5 في المئة.
وفي إمارة أبوظبي الغنية بالنفط والتي تستحوذ على أكثر من 95 في المئة من إجمالي إنتاج النفط في الدولة الذي يقدر بنحو 3.3 مليون برميل يومياً، بلغ معدل تضخم 0.2 في المئة عام 2016 مقارنة بعام 2015، فيما بلغ معدل التغير في أسعار التجزئة 0.8 في المئة خلال كانون الأول (ديسمبر) الماضي مقارنة بالشهر ذاته عام 2015، وانخفض الرقم القياسي لأسعار التجزئة 0.5 في المئة في كانون الأول الماضي، مقارنة بالشهر السابق.
وأكد «مركز الإحصاء أبوظبي» في تقرير يرصد مستويات التضخم، أن مجموعة «السكن والمياه والكهرباء والغاز وأنواع الوقود الأخرى»، كانت الأكثر مساهمة في ارتفاع التضخم خلال عام 2016 بما نسبته 92.1 في المئة، نتيجة ارتفاع معدل أسعار هذه المجموعة 5.6 في المئة، فيما تراجعت أسعار مجموعة «الاتصالات» 3.2 في المئة، وساهمت في خفض الارتفاع 7.4 في المئة.
وأشار المركز إلى أن «معدلات أسعار التجزئة للأسر في شريحة الرفاه الدنيا ارتفعت 2.2 في المئة عام 2016، وفي شريحة الرفاه المتوسطة 2.2 في المئة، وشريحة الرفاه العليا 1.9 في المئة».
وأكد مراقبون أن تراجع أسعار النفط ستكون له انعكاسات على أسعار الوقود بعدما حرّرت الإمارات المشتقات النفطية منذ آب (أغسطس) 2015. ويبقى السؤال المطروح الآن، هل يستفيد المستهلكون من انخفاض أسعار الوقود في الإمارات؟ يؤكد مسؤولون في ردّهم على هذا التساؤل أن هذا الانخفاض سيؤثر إيجاباً في التضخم، كما سيشهد ارتفاع الأسعار تباطؤاً خلال الفترة المقبلة.
أرسل تعليقك
تعليقك كزائر