توصل الاتحاد الأوروبي واليابان إلى اتفاقية واسعة النطاق للتجارة الحرة، سيتم بمقتضاها إلغاء غالبية الرسوم الجمركية على حركة التجارة بين الجانبين، والتي تكلف الشركات الأوروبية نحو مليار يورو (1.17 مليار دولار) سنوياً. واعتبرت وكالة الأنباء الألمانية، أن هذا الاتفاق سيمثل تحدياً للسياسات التجارية الحمائية للرئيس الأميركي دونالد ترامب. ويهدف الاتفاق أيضاً إلى الحد من الحواجز القانونية بين الجانبين، ويفتح أبواب حركة التجارة في المجال الزراعي وغيره من المجالات.
ولا يزال على الطرفين التوقيع والمصادقة على الاتفاق الذي وصفه الاتحاد الأوروبي بالأكبر على الإطلاق، وحدد الجانبان خطوطه العريضة للمرة الأولى في يوليو/تموز الماضي. ونقلت وكالة الصحافة الفرنسية مقطعاً من بيان مشترك لرئيس المفوضية الأوروبية جان كلود يونكر، ورئيس الوزراء الياباني شينزو آبي، يؤكد على أن الاتفاق يواجه النزعة الحمائية الأميركية. حيث قال البيان: إن الاتفاق "يوجه رسالة واضحة إلى العالم مفادها أن الاتحاد الأوروبي واليابان ملتزمان بإبقاء اقتصاد العالم يعمل على أساس الأسواق الحرة والمفتوحة والعادلة"، مشدداً على أهمية "وجود قواعد واضحة وشفافة تحترم وتعزز قيمنا بشكل كامل، وتحارب النزعة الحمائية".
وتلقى نزعة ترامب نقداً واسعاً حتى داخل الولايات المتحدة، حيث نشر موقع قناة "سي إن بي سي" الأميركية مقالاً هذا الشهر قال فيه: إن اتجاه الرئيس الأميركي لزيادة القيود على الواردات لصالح الصناعات المحلية "سيضر النمو الاقتصادي، ويقود إلى تخفيض الوظائف، ويزيد التكاليف على المستهلك. هذه ليست بالضبط الاستراتيجية التي تعيد أميركا عظيمة مجددا".
وستصبح الاتفاقية اليابانية الأوروبية أكبر اتفاق ثنائي للتجارة الحرة في تاريخ الاتحاد الأوروبي، وستؤدي إلى قيام سوق مشتركة تضم 638 مليون شخص وتمثل نحو 28 في المائة من إجمالي الاقتصاد العالمي. وكان الجانبان الأوروبي واليابان قد أعطيا الضوء الأخضر سياسياً للاتفاق في يونيو/حزيران الماضي على هامش قمة مجموعة العشرين. ومنذ ذلك الوقت تم التوصل إلى اتفاق بشأن موضوعات مثل شهادات المنشأ اليابانية والأوروبية والالتزام القوي باتفاق باريس للمناخ.
ويحتاج الاتفاق إلى تصديق البرلمان الأوروبي وحكومات الدول الأعضاء في الاتحاد، وعددها 28 دولة إلى جانب تصديق البرلمان الياباني. وتأمل المفوضية الأوروبية في دخول الاتفاق حيز التطبيق قبل نهاية ولايتها الحالية عام 2019. ويسعى الاتحاد الأوروبي عبر الاتفاق للوصول إلى اليابان التي تعد "أغنى سوق في العالم"، في حين تأمل اليابان بإنعاش اقتصادها الذي لم يحقق نمواً ملموساً منذ أكثر من عقد. وتأمل اليابان كذلك باستغلال الفرصة بعد فشل اتفاقية الشراكة عبر المحيط الهادئ التي تضم 12 دولة ونسفها ترامب في يناير/كانون الثاني.
*نمو ياباني وتراجع في صادرات ألمانيا
وتزامن الإعلان عن اتفاق أمس مع مؤشرات إيجابية للاقتصاد الياباني، حيث كان النمو في الربع الثالث من العام أكبر بمرتين من التوقعات السابقة، ليحقق ثالث أكبر اقتصاد في العالم أكبر سلسلة له من المكاسب في أكثر من عقدين. وقال مكتب الحكومة: إن إجمالي الناتج الداخلي خلال الربع الثالث من العام ارتفع بنسبة 0.6 في المائة مقارنة بالفصل الذي سبقه. ونجمت تلك المكاسب عن ارتفاع الصادرات المدفوعة بطلب عالمي قوي، وارتفاع إنفاق الشركات اليابانية على المعدات والمنشآت.
وهذا سابع ربع على التوالي من التوسع الاقتصادي، ويتجاوز بسهولة توقعات السوق بنمو طفيف. ورأى يويشيرو ناغاي، الخبير الاقتصادي لدى "باركليز كابيتال"، أن المستقبل يبدو مشرقاً للاقتصاد الياباني، متنبئاً بالمزيد من النمو في الربع التالي. وقال لوكالة الصحافة الفرنسية: "بما أن الطلب الخارجي قوي في اقتصاد دولي يتعافى، فإن نشاط الشركات قوي جداً".
وقال هيدينوبو توكودا، خبير الاقتصاد لدى معهد "ميزوهو للاقتصاد" لوكالة "بلومبيرغ": "إن الاستثمارات القوية تظهر أن اقتصاد اليابان يتقدم خطوة نحو الانتعاش المستدام". لكن مؤشرات الاستهلاك الخاص لا تزال تعكس وجهاً سلبياً للاقتصاد، حيث انخفض بنسبة 0.5 في المائة، وقد يكون سبب ذلك رد فعل على الارتفاع في الفصل السابق والطقس السيئ في الصيف، بحسب الخبراء.
ومن المفترض أن يتحسن الإنفاق الخاص في الأشهر المقبلة في حين ترتفع الرواتب بسبب نقص اليد العاملة، بحسب ناغاي. على الجانب الأوروبي، تم الإعلان أمس عن مؤشرات سلبية تتعلق بأكبر اقتصاد في القارة، حيث تراجعت صادرات ألمانيا خلال أكتوبر/تشرين الأول الماضي. ونقلت وكالة الأنباء الألمانية عن مكتب الإحصاء الاتحادي للبلاد، أن الصادرات انخفضت في أكتوبر بنسبة 0.4 في المائة من مستواها في سبتمبر/أيلول الماضي، ليستمر التراجع للشهر الثاني على التوالي.
في الوقت نفسه، فإن واردات ألمانيا ارتفعت خلال أكتوبر الماضي بنسبة 1.8 في المائة بعد تراجع بنسبة 1.1 خلال سبتمبر الماضي. وأدى ذلك إلى تراجع الفائض التجاري لألمانيا خلال أكتوبر الماضي بعد وضع المتغيرات الموسمية في الحساب إلى 19.9 مليار يورو (23.4 مليار دولار)، مقابل 21.9 مليار دولار في سبتمبر الماضي وفقا للبيانات المعدلة.
من ناحيته، قال كارستن برزيسكي، المحلل الاقتصادي في "آي إن جي بنك": إن بيانات التجارة الألمانية تقدم دليلاً إضافياً على أن الاقتصاد الألماني يدخل الربع الأخير من العام في حالة ضعيفة. وكان المحللون يتوقعون ارتفاع الصادرات والواردات بنسبة 1 في المائة خلال أكتوبر الماضي.
أرسل تعليقك
تعليقك كزائر