الداخلة-جميلة عمر
تشكل الإستراتيجية الوطنية المندمجة للشباب 2015-2030 مدخلًا نحو انبثاق فلسفة جديدة تثمّن ولوج الشباب إلى مواطنة كاملة وفعالة، بما يفضي إلى تغيير سلوكهم ومواقفهم والارتقاء بمقاربة قضايا مجتمعهم، وتقترح هذه الإستراتيجية، التي أعدتها وزارة الشباب والرياضة، بشراكة مع المديرية العامة للجماعات المحلية، وصندوق الأمم المتحدة للطفولة وصندوق الأمم المتحدة للسكان، رؤية شاملة يمكن للشباب المغربي من خلالها الاضطلاع بدورهم كاملا كفاعلين أساسيين في بناء وتنمية البلاد.
وتوفر هذه الإستراتيجية القدرات والفرص التي تؤهلهم للانتقال إلى مرحلة البلوغ من خلال تربية ذات جودة عالية والولوج إلى عمل لائق، والى خدمات صحية ملائمة وإلى المشاركة الفاعلة في الحياة السياسية والاجتماعية والثقافية، وتحدد خمسة أهداف، تتمثل أساسًا في الرفع من الفرص الاقتصادية المتاحة للشباب والنهوض بقابلية تشغيلهم، والولوج إلى الخدمات الأساسية المقدمة للشباب وتحسين جودتها والتقليص من الفوارق الجغرافية، وتعزيز المشاركة الفعالة للشباب في الحياة الاجتماعية والمجتمع المدني وفي اتخاذ القرار، فضلا عن النهوض باحترام حقوق الإنسان وتقوية الأجهزة المؤسساتية للتواصل والإعلام والتقييم والحكامة.
وفي هذا الصدد، يؤكد دستور 2011 على ضرورة توسيع مشاركة الشباب في المجالات الاجتماعية والاقتصادية والثقافية والسياسية للبلاد، ومساعدة الشباب على الاندماج في سوق العمل والحياة الجمعوية، وتقديم المساعدة للشباب في وضعية صعبة تحول دون تكيفهم المدرسي أو الاجتماعي أو المهني، كما تندرج هذه الإستراتيجية في إطار تيسير ولوج الشباب للثقافة والعلم والتكنولوجيا والفن والرياضة والأنشطة الترفيهية، وكذا استثمار الظروف المواتية لإبراز طاقاتهم وقدراتهم الإبداعية في هذه المجالات.
والجدير بالذكر أن المديرة العامة لمنظمة اليونسكو، إيرينا بوكوفا، شددت، في رسالة بمناسبة اليوم العالمي للشباب (12 أغسطس/آب) على أن "تنمية أي مجتمع يعتمد على كيفية اهتمام هذا المجتمع بشبابه، وأشارت إلى أنه في سنة 2015، كان عدد شباب المعمور يقدر بنحو مليار و200 مليون شخص، وأن أكثر من 600 مليون منهم كانوا يعيشون في وضعية هشاشة أو في خضم صراعات، لافتة إلى أن الشباب يبقى الفئة التي تعاني أكثر جراء النزاعات وموجات العنف، مع أن دور هذه الفئة من السكان في تحقيق السلام يعد محوريا ولا غنى عنه.
واعتبرت بوكوفا أن الشباب يوجد في صلب خطة عمل برنامج التنمية المستدامة في غضون 2030، وأن منظمة اليونسكو تعمل على جميع الجبهات لدعم الشباب، ليس من منطلق الفئة المستفيدة، بل على أساس أنهم يضطلعون بدور مسؤول على الصعيد المحلي والوطني والدولي.
وفي هذا الإطار، دعا مستشار التنمية المستدامة، عصام مساوي، إلى انخراط أكبر للشباب في الشأن المحلي والولوج إلى التكوين والمشاركة في الحياة السياسية والحزبية والجمعوية، مشددا على أن الإستراتيجية الوطنية المندمجة للشباب تقدم أجندة طموحة تستوجب تنسيقا فعالا ومستداما لكافة الفاعلين المعنيين، إلى جانب الشباب والسلطات العمومية والقطاع الخاص والمجتمع المدني.
وكانت الجمعية العامة للأمم المتحدة قد أقرت، للمرة الأولى في عام 1999، يوم 12 آب كيوم عالمي للشباب، ليصبح موعدًا سنويًا يخصص للاحتفاء بالشباب، من نساء ورجال، باعتبارهم فاعلين أساسيين في التغيير، وكذا للتنبيه بأهمية التحديات والصعوبات التي يواجهونها.
أرسل تعليقك
تعليقك كزائر