أعلنت المعارضة الجزائرية رفضها المشاركة في المشاورات التي أطلقتها الحكومة حول ملف الدعم الاجتماعي الذي أثقل كاهلها, وهو ما سيرهن مبادرة رئيس الوزراء الجزائري عبد المجيد تبون بالفشل، لتلاقي نفس مصير المبادرات التي أطلقتها السلطة الجزائرية في وقت سابق. وقال رئيس الكتلة البرلمانية لتحالف حركة مجتمع السلم, أكبر الأحزاب الاخوانية في الجزائر, ناصر حمدادوش, في تصريحات لـ " العرب اليوم " إن " مجتمع السلم " سبق و أن طالبت بتوسيع التوافق الوطني إلى التوافق السياسي، لأن جوهر الأزمة التي تمر بها البلاد في الظرف الراهن سياسي قبل أن يكون اقتصادي أو اجتماعي, مشيرا إلى " حمس " لا يمكنها أن تنخرط في مسعى جزئي مرتبط بسياسة الدعم الاجتماعي بعيدا عن الرؤية الكلية للأزمة.
ووصف القيادي البارز في مجتمع السلم, رغبة رئيس الوزراء الجزائري في إشراك الأحزاب السياسية في هذه الملف، قائلا: "هذه أنانية سياسية في تحميل الجميع مسؤولية الإجراءات التقشفية الحالية والمستقبلية، وتمييع للمسؤولية السياسية ".وأكد رئيس تحالف حركة مجتمع السلم الجزائرية, إن الحكومة تتكبد اليوم حصيلتها السلبية التي حققتها خلال السنوات الماضية, فاليوم هي أمام خيارين أحلاهما مر إما أن تذهب إلى المديونية الخارجية, وهو توجه خطير وتهديد حقيقي، أو تذهب إلى التقشف بإجراءات مؤلمة يهدد الأمن والاستقرار الاجتماعي، ولا تريد تحمّل تبعات ذلك بمفردها".
وعن الطريقة التي ستجرى بها المشاورات, أوضح حمدادوش أنها ستكون مشاورات شكلية بآلية غامضة، الهدف منها توريط الجميع، والتستر وراء هذه المشاورات لمواجهة الاحتقان والغضب الشعبي، والحكومة ستستبق بها في قانون الموازنة لعام 2018.
وقال النائب حسن لعريبي عن "الاتحاد الإسلامي" الذي يضم ثلاثة أحزاب إسلامية هي كل من حركة النهضة والعدالة والتنمية وحركة البناء الوطني, في تصريحات لـ " العرب اليوم " إنه من المبكر الحسم في مقترحات الحكومة الجزائرية بخصوص مراجعة ملف التحويلات الاجتماعية, لكن الشيء المؤكد هو أنها ترفض أن تتحمل تبعات السياسية الخاطئة التي انتهجتها, فنتائج الانتخابات النيابية التي نظمت يوم 4 مايو / آيار الماضي أبانت عورات السلطة حيث قرابة 21 مليون ناخب جزائري قاطعوا كلهم هذا الموعد الاستحقاقي رغم أهميته, مشيرا إلى أن دعوة تبون أحزاب المعارضة للمشاركة في إثراء ومناقشة هذا الملف الذي بقي حبيس أدراجها لسنوات, هو بمثابة مناورة من الجهاز التنفيذي من أجل عدم تحمل مسؤولية هذا الملف لوحده خوفا من آثاره السلبية كونه ملف حساس وشائك.
ووصف رئيس الحزب الجيل الجديد سفيان جيلالي, في تصريحات لـ " العرب اليوم " إن المخطط الذي جاء به رئيس الوزراء الجديد عبد المجيد تبون, غير قادر على تجاوز الأزمة التي تمر بها البلاد والتي طرقت أبواب الجزائر عام 2014, فالضائقة المالية التي تمر بها البلاد جراء تهاوي أسعار النفط في الأسواق الدولية هي أزمة عامة ومتعددة الأبعاد.
وأعلن سفيان جيلالي عن رفضه لكل ما تمخض عن وثيقة مخطط عمل الحكومة الجديدة لأن تغيير الوضع القائمة لن يكون بتغيير الأوجه أو باتخاذ قرارات شعبوية قد تدخل البلاد في أزمة جديدة هي في غنى عنها, فالخروج من النفق المظلم الذي دخلت فيه الحكومة يتطلب مؤسسات شرعية منبثقة من تيارات سياسية تمثل صوت الشعب وقادرة عن الدفاع عن مصلحته, والحكومة الحالية تتجه نحو فرض المزيد من الضرائب على الجزائريين سواء مباشرة أو غير مباشرة, وقال إن المبادرة التي أطلقها رئيس الوزراء الجزائري موجهة للاستهلاك الإعلامي وإلهاء الرأي العام فقط.
وقال المتحدث بلغة صريحة وواضحة " نرفض رفضا قاطعا المشاركة في هذه المشاورات, فالهدف الوحيد منها هو تضليل وإلهاء الرأي العام, لذلك فلا جدوى من المشاركة, والجيل الجديد يطالب ويلح على ضرورة نقاش حر مع جميع الأطراف الفاعلة في الساحة السياسية وجلوسهم على طاولة الحوار لإيجاد حل للأزمة التي تمر بها الجزائر ".
وشكك النائب السابق عن حركة النهضة في البرلمان الجزائري, فاتح ربيعي, في مدى التزام الحكومة الجديدة التي انبثقت عن الانتخابات النيابية التي جرت يوم 4 مايو / آيار الماضي, بتنفيذ الإصلاحات التي تضمنتها مخطط الحكومة لعام 2017, موضحا أن تشكيلته السياسية ترحب بكل الإصلاحات التي من شأنها تفادي وقوع الجزائر بين مخالب صندوق النقد الدولي من خلال لجوئها إلى الاستدانة الخارجية لكنها لن تدعم في نفس الوقت القرارات التي من شأنها إضعاف القدرة الشرائية للمواطن الجزائري. ويرى المتحدث أن مخطط عمل الحكومة الحالية هو نسخة محينة عن المخططات السابقة, رغم أن الظروف المحيطة بالبلاد حاليا تختلف تماما عما كانت تعيشه سابقا فهي اليوم تعي تحت وطأة نضوب صندوق ضبط الإيرادات واستمرار تهاوي أسعار النفط في الأسواق الدولية , واستمرار تآكل احتياطي الجزائر من العملة الصعبة.
وبرَّر رئيس الجبهة الوطنية الجزائرية موسى تواتي, دعوة رئيس الوزراء الجزائري عبد المجيد تبون الأحزاب السياسية للمشاركة في المشاورات حول ملف التحويلات الاجتماعية امتصاص غضب الشعب وأصحاب الدخل الضعيف الذين أنهكت جيوبهم الضائقة المالية التي تمر بها البلاد.
أرسل تعليقك
تعليقك كزائر