كشف التقرير السنوي لعامي 2016 – 2017 الصادر من المجلس الأعلى للحسابات المغربي، عن وجود مجموعة من النواقص في سير عملية التكوين الأساسي المقدم من طرف الجامعات، أهمها عدم استيفاء مسطرة اعتماد المسالك، وهيمنة التكوين ذي الولوج المفتوح على الولوج المحدود.
وقال المجلس في تقريره الذي نشره مؤخرًا، إن سير عملية التكوين الأساسي يعتريه أيضًا عدم احترام شروط التسجيل بالمسالك، لافتًا إلى أن قبول طلبة على أساس شهادات غير تلك المنصوص عليها بالملفات الوصفية، وقبول تسجيل طلبة من دون دراسة ملفاتهم أو اجتياز المباراة، وفتح مسالك للتكوين الأساسي مؤدى عنها، وتسليم دبلومات وطنية لمسالك معتمدة في إطار دبلومات جامعية.
ولاحظ المجلس أن الوزارة لا تتوفر على الإطار المرجعي الذي، من المفروض، أن يضبط التوجهات ويحدد الأولويات، ويمكن من الاطلاع على عمليات التخطيط والتنظيم والتطوير والضبط والتوجيه حسب المتطلبات الاقتصادية والاجتماعية والثقافية للأمة، وذلك وفقًا للمادة الأولى من القانون رقم 01.00 المتعلق بتنظيم التعليم العالي، وذكر أن القطاع المكلف بالتعليم العالي أسند إليه مهمة إعداد السياسة الحكومية في مجال التعليم العالي والبحث العلمي، وتتبع تنفيذ هذه السياسات
وأظهر التقرير، الذي قُدم للملك محمد السادس، من طرف الرئيس الأول للمجلس الأعلى للحسابات، أن التخطيط الاستراتيجي يشكو من مجموعة من النواقص سواء على مستوى الوزارة أو على مستوى الجامعات، مشيرًا إلى أن تحليل استراتيجيات الوزارة ونتائج تنفيذها مكن من إثارة العديد من الملاحظات، منها الافتقار إلى الاستمرارية في عملية التخطيط الاستراتيجي، وعدم تتبع وتقييم استراتيجيات الوزارة، وغياب التعاقد بين الوزارة والجامعات، والافتقار إلى التواصل بشأن الخطط الإستراتيجية للوزارة، وعدم الاتساق في استراتيجيات الجامعات
وأبرز المجلس أن الوزارة لجأت، بالإضافة إلى الاستراتيجيات، إلى وضع عدة برامج تعاقدية عامة تشمل مختلف أصناف التعليم العالي، مشيرًا إلى أن تنفيذ هذه البرامج واجه عدة صعوبات ومعوقات، تمثلت على الخصوص في إخفاق نظام تتبع وتقييم بعض البرامج، وعدم احترام بنود العقود المبرمة مع الجامعات، وعدم تنفيذ المشاريع الموكلة للوزارة.
وذكر التقرير أنه لوحظ عدم تحقيق الأهداف المتؤخاة من إنجاز بعض البرامج، مبرزًا أن الأمر يتعلق بالمخطط الاستعجالي الذي تم إطلاقه في سنة 2009، وبعض البرامج التي وضعت من طرف الوزارة لتحقيق أهداف محددة، من قبيل البرامج التي وضعت من أجل تحقيق هدف تكوين 10 آلاف مهندس في عام 2010، و3 آلاف و300 طبيب في أفق سنة 2020، و21 ألف خريج مختص في ميدان ترحيل الخدمات، إضافة إلى برنامج تكوين 10 آلاف أخصائي اجتماعي
ويشير التقرير، لا تقوم الجامعات أو وزارة التعليم العالي بدراسات منتظمة للمردودية الداخلية للأفواج، وبخصوص تقييم المردودية الخارجية للجامعات، التي تتمثل في قياس مدى إدماج خريجي الجامعات في سوق العمل وتحديث العلاقة بين التكوين والوظائف من أجل الحصول على إحصاءات موثوقة، تمكن من تعديل عرض التكوين الأساسي حسب حاجيات سوق العمل، سجل المجلس عدم إحداث مرصد للتوفيق بين الدراسات العليا والمحيط الاقتصادي والمهني، وغياب آليات لتتبع إدماج الخريجين.
وأشار المجلس، في ذات السياق، إلى عدم وجود إطار تنظيمي متعلق بتسيير التكوين المستمر المقدم من طرف الجامعات وغياب تتبع أنشطة التكوين المستمر من طرف الوزارة الوصية.
وأوضح المجلس أن عملية مراقبة تسيير التكوين المستمر المقدم من طرف الجامعات أسفرت عن تسجيل مجموعة من الملاحظات، أبرزها أن الجامعات قد عرفت إصلاحا مهما بدخول القانون رقم 01.00 المنظم للتعليم العالي حيز التنفيذ، إلا أنه لم تتم مواكبته فيما يخص مهمة التكوين المستمر بالإجراءات التنظيمية الضرورية التي من شأنها أن تسمح بالتأطير الضروري لهذه المهمة الجديدة.
وأشار المجلس إلى أن فحص مختلف الوثائق المكونة لاستراتيجيات الوزارة، خلال الفترة الممتدة بين سنتي 2005 و2020، وأبان عن غياب سياسة شاملة تهم هيكلة وتطوير التكوين المستمر المقدم من طرف الجامعات، لافتًا إلى أن الإطار الاستراتيجي للنهوض بالتعليم العالي في أفق سنة 2020 لم يشمل أي إجراء يهدف إلى تنمية وتطوير التكوين المستمر، الشيء الذي نتج عنه عدم إدراج التكوين المستمر في الاستراتيجيات التي تبنتها الوزارة.
ويضيف المجلس، أنه تم تسجيل عدم قيام الوزارة بمهام تتبع التكوين المستمر، حيث تم الوقوف على عدم توفرها على المعلومات المرتبطة بهذه المهمة كلائحة التكوينات المستمرة المفتوحة، وعدد المستفيدين، والتأطير البيداغوجي، ومختلف التعريفات المطبقة.
وتوقف المجلس عند البنيات التنظيمية المختلفة للجامعات، مبرزًا أن جميع الجامعات تبنت هياكل تنظيمية مزدوجة، ترمي لخلق بنيات تنظيمية مشتركة على مستوى رئاسة الجامعات تتكلف بتتبع مختلف أنشطة التكوين المستمر، إضافة إلى بنيات أخرى يتم إحداثها على مستوى المؤسسات الجامعية التابعة لها، كما تبين أن حجم هذه البنيات يختلف من جامعة إلى أخرى ومن مؤسسة جامعية إلى أخرى
وسجل التقرير لجوء الجامعات المفرط للأساتذة الزوار، حيث أن بعض التكوينات تعتمد في تأطيرها بصفة كلية على هؤلاء الأساتذة، واعتماد التكوينات المستمرة دون دراسة مسبقة لسوق الشغل.
وأبرز المجلس الأعلى للحسابات أن أغلبية المؤسسات الجامعية تستند لتحديد مصاريف الدراسة إلى التعريفات المطبقة على مستوى مدارس عليا بخاصة تقوم بتقديم تكوينات مشابهة، منتقدا غياب الموضوعية في تحديد مبلغ مصاريف الدراسة".
وأشار التقرير، إلى أن تحديد هذه المصاريف يتم في غياب تقييم حقيقي وفعلي لتكاليف هذه التكوينات، مضيفًا أن هذه الوضعية أدت إلى غياب الانسجام بين التعريفات المطبقة داخل نفس المؤسسة، وأحيانًا بالنسبة لتكوينات شبيهة، تراوحت ما بين 22.916 درهم و60.000 درهم بالنسبة لدبلوم من مستوى بكالوريا زائد خمس سنوات، و11.800 درهم و30.000 درهم بالنسبة لدبلوم من مستوى بكالوريا زائد ثلاث سنوات.
وخلص المجلس إلى غياب دليل الإجراءات المتعلق بتدبير التكوين المستمر، مما أدى إلى ظهور اختلالات في منظومة الرقابة الداخلية، أثرت بدورها سلبًا على تسيير التكوين المستمر على مستوى المؤسسات الجامعية، ووجود اختلالات في تتبع ساعات العمل الفعلية المنجزة، حيث تبين غياب أية مراقبة لساعات العمل المنجزة في إطار التكوين المستمر على مستوى الجامعات أو المؤسسات الجامعية، وهو ما كان له تأثير بيداغوجي ومالي مباشر على عملية التكوين المستمر.
أرسل تعليقك
تعليقك كزائر