استعرضت فاتو بنسودة، المدعية العامة للمحكمة الجنائية الدولية، في تدخل لها خلال ندوة نظمت في رواق المجلس الوطني لحقوق الإنسان، داخل معرض الكتاب، تحت عنوان "العدالة الجنائية الدولية.. التطورات والتحديات" مساء الجمعة، مجال اختصاص المحكمة والتحديات التي تواجهها في ممارسة مهامها داخل الدول التي تعيش حالات الإبادة الجماعية، والجرائم ضد الإنسانية، وجرائم الحرب والاعتداء، وذلك في إطار فعاليات الدورة 24 للمعرض الدولي للنشر والكتاب للدار البيضاء.
وأبرزت السيدة بنسودة أن مجال اختصاص المحكمة منحصر في الرد على طلب الدولة المعنية (شرط أن تكون عضوة في ميثاق روما للمحكمة الجنائية الدولية) بشأن إحدى الجرائم التي تحدث فوق ترابها، مبرزة أن المحكمة لا تهدف إلى تعويض الاختصاص الوطني أو التطفل على القضايا الداخلية للدول، إلا إذا كانت مؤسسات وأجهزة هذه الأخيرة عاجزة عن التدخل.
وأوضحت من جهة أخرى أن المحكمة الجنائية الدولية تكون ملزمة بالتدخل في حال قرر مجلس الأمن الدولي إحالة بعض القضايا الدولية عليها، وذلك اعتبارا لدور مجلس الأمن في إحلال السلام والعدالة الدوليين، مشيرة في هذا الصدد إلى بعض الأمثلة مثل دارفور عام 2005 وليبيا.
وشددت المدعية العامة أيضا على أن العديد من الدول غير العضوة بميثاق روما طلبت تدخل المحكمة الجنائية الدولية للتحقيق في بعض قضاياها الداخلية، كأوكرانيا ولقت استجابة من طرف المحكمة.
وبشأن حضورها في فعاليات المعرض الدولي للنشر والكتاب للدار البيضاء، أعربت السيدة فاتو بنسودة عن سعادتها بالمشاركة في هذه التظاهرة، والتي شكلت فرصة للإجابة عن جملة من التساؤلات والانتقادات التي توجه للمحكمة كـ"كونها مستعدة للتدخل في بعض الدول الأفريقية فقط" و"عدم قدرتها على مواجهة ملفات كبرى لبعض القوى العالمية الوازنة وجرائمها في بعض الدول"، مبرزة أن مجال اختصاص المحكمة محصور في النقطتين السالفتي الذكر.
من جهته، أبرز محمد عياط المستشار الخاص للمدعية العامة لمحكمة الجنائية الدولية المكلف بالتعاون مع المغرب الكبير والشرق الأوسط، أنه كان للمحكمة الجنائية الفضل في إثارة بعض الملفات الدولية الشائكة التي ظلت طي النسيان في بعض الدول، مشيدا بالتطور الذي شهدته المحكمة في التعامل مع القضايا الكبرى والصعبة ومكافحة التناقضات العالمية.
كما أشاد بالتقدم المحرز في مجال حقوق الإنسان وجبر الضرر، والتعبير عن الانتهاكات كرواندا نموذجا، معربا عن أمله في أن تصادق جميع الدول على ميثاق روما من أجل تحقيق "عالمية حقوق الإنسان".
أما سعيد بنعربية رئيس برنامج الشرق الأوسط وشمال أفريقيا لدى اللجنة الدولية للحقوقيين في جنيف، فقد قدم من جانبه قراءة قانونية في ميثاق روما الذي ينص على أن الدولة هي المسؤولة الأولى عن متابعة المشاركين في جرائم الإبادة الجماعية أو جرائم الحرب، ليتم بعد ذلك نقل الاختصاص للمحكمة الجنائية الدولية حسب مبدأ التكامل، مضيفا أن الميثاق ذاته ينص أيضا على تدخل المحكمة الجنائية الدولية حسب مبدأ الرغبة والقدرة وذلك في حال تعذر ضمان الدولة لمحاكمة عادلة.
وأعرب السيد بنعربية، بهذه المناسبة، عن الأسف لانسحاب بعض الدول من ميثاق روما، وكذلك اتهام بعض الدول الأخرى للمحكمة بتسييس القضايا، بالإضافة إلى عدم توفر المحكمة على شرطة وأجهزة تنفيذية خاصة بها ما جعل بعض الدول تتغاضى عن توقيف بعض الأشخاص، الذين أصدرت المحكمة في حقهم قرارا بالتوقيف.
ويشارك المجلس الوطني لحقوق الإنسان، للمرة السابعة على التوالي، في فعاليات المعرض الدولي للنشر والكتاب، برواق يخصصه للاحتفاء بالذكرى السبعين للإعلان العالمي لحقوق الإنسان، تحت شعار "جميعا من أجل حقوق الإنسان"، حيث يخصص جل أنشطة هذا الرواق لتنظيم مجموعة من التظاهرات المتنوعة من طرف عدة جهات، من بينها الحكومات والجمعيات وآليات الأمم المتحدة ووكالاتها.
ويتمحور برنامج رواق المجلس حول 5 فقرات رئيسية تتوزع على "قراءة في الإعلان"، و"مجالات ناشئة لحقوق الإنسان"، و"تكريم"، و"الإعلان والجهات"، و"يوم وكتاب".
بذكر أن ولي العهد الأمير مولاي الحسن ترأس الخميس في المعرض الدولي في الدار البيضاء افتتاح الدورة الـ24 للمعرض الدولي للنشر والكتاب، المنظمة تحت الرعاية السامية لصاحب الجلالة محمد السادس، من طرف وزارة الثقافة والاتصال بتعاون مع الوكالة المغربية لتنمية الاستثمارات والصادرات - المكتب الوطني للمعارض.
أرسل تعليقك
تعليقك كزائر