تبحث الجامعات عن الاستراتيجيات التي تعمل على أفضل وجه لخفض معدلات التسرب من التعليم، وتعد بريطانيا من البلاد الرائدة عالميا في ذلك، حيث جاءت في المرتبة الأخيرة من حيث التسرب التعليمي في أحدث بيانات منظمة التعاون والتنمية في الميدان الاقتصادي (منذ عام 2014)، حيث أن 71٪ من الطلاب في البلاد يكملون دوراتهم الجامعية، مقابل 49٪ في الولايات المتحدة و31٪ في استراليا.
غير أن هناك تباينًا هائلًا داخل البلاد - فقد أظهرت البيانات التي أجريت في الفترة من عام 2013-2014 أنه في حين لم يرسب طالب واحد في الكلية الملكية للموسيقى، إلا أن واحدا تقريبا من كل خمسة طلاب في جامعة "لندن متروبوليتان" يقوم بذلك.
وتتغير الصورة مع نوع الطالب، أيضا -حيث ان الطلاب الذين يبلغون أكثر من سن الثلاثين أو الطلاب ذوي الدخل المنخفض من المرجح أن يغادروا الجامعة قبل الانتهاء من دوراتهم. كما ان الطلاب الذين يتسربون من المدارس يكلفون الجامعات الكثير بسبب فقدان التمويل. لكن تطبيق إطار التميز التعليمي الذي يهدف إلى مكافأة التعليم والتدريس المميز، الذي تعكف الحكومة على تطبيقه يعني أن الجامعات ستولي اهتماما أكبر من أي وقت مضى للتأكد من التزام الطلاب بها وعدم تهربهم من اكمال العملية التعليمية.
توجد بعض المؤسسات التي تعمل على استكشاف طرق لزيادة معدلات استمرار الطلاب في التعليم مثل مؤسسة بول هاملين، وهي مبادرة لإيجاد سبل تحسين معدلات الاستمرار منذ ما يقرب من عقد الآن.
وقد تم نشر التقرير الأول لها عام 2012، موضحا بالتفصيل أعمال سبعة مشاريع جرت في جامعات المملكة المتحدة على مدى ثلاث سنوات. ونشرت نتائج الجولة الثانية في نيسان / أبريل، وقدمت تقارير عن مشاريع جديدة في 13 جامعة.
وكانت جامعة ولفرهامبتون واحدة من بين الجامعات، وقد ركزت مساهمتها، بقيادة مدير تطوير البحوث الدكتور ديبرا كوريتون، على التدخل المباشر للتأكد من أن الطلاب يفهمون ما يتوقع منهم القيام به من مهام.
تم تصميم عملية "التقييم الشامل"، التي تم تجريبها في ثلاث إدارات، لوقف القلق غير الضروري حول المهام. وقد أعطي المحاضرون مبادئ توجيهية لضمان أن تكون موجزة و واضحة، ويتاح للطلاب الفرص لمناقشة المهام معا.
ويوضح كوريتون: "نحن نريد أن تكون مفيدة وبسيطة قدر الإمكان". "أظهرت الأبحاث المؤسسية أن بعض طلابنا قضوا المزيد من الوقت في محاولة لفهم مهام العمل ، وفي حالة عدم فهمهم ، فإنهم غالبا ما يلجؤوا إلى سؤال أصدقائهم وذلك يؤدي إلى سوء الفهم.
وأضاف: "[التقييم الشامل] لا يعني أنهم يشاركون الملكية الفكرية للمهام ولكن يعني فهم آليات كيفية القيام بذلك".
يسلط كورتون الضوء على عدد كبير من الطلاب غير التقليديين في الجامعة: 40٪ يمثلون الجيل الأول من أسرهم لحضور الجامعة، ويمثل الطلاب اكبر من ثلاثين عام حوالي 60٪ من الدروس التحضيرية، حيث ان واحد من كل أربعة يكون مسؤولا عن رعاية للأطفال، وواحد من كل خمسة يعول اسرته ماديا . وكانت النتائج مثيرة للإعجاب. وبالإضافة إلى التحسينات المبلغ عنها في مشاركة الطلاب وثقتهم، وخفض الفشل في تقديمه، فقد أغلقت تقريبا فجوة التحصيل بين المرشحين البيض والأسود والأقليات العرقية.
وكانت نسبة الطلاب الذين يحصلون على 50٪ أو أعلى في المهام في "2012-2013" ، 37٪ للمرشحين السود و 53٪ لأقرانهم البيض. وبحلول الفترة 2014 - 2015، كانت الأرقام 74 في المائة و 70 في المائة على التوالي. ويجري الآن تنفيذ البرنامج في جميع أنحاء البلاد.
كما شارك كلية الموسيقى والأداء بجامعة سالفورد في وضع الدروس على الجدول الزمني، وهي طريقة جديدة لتدريس الدروس الخصوصية. بدلا من التحدث إلى المعلم عند حدوث مشكلة، كان للطلاب مجموعة من الدروس الخصوصية كجزء من الجداول الزمنية الخاصة بهم. وتم تعيين مجموعات لأعضاء هيئة التدريس، يعطي مواعيدها في جداولهم ويطلب منهم حضورها.
يقول جيل مولينو، مسؤول السياسة التنفيذية بالجامعة: "كانت هناك مقاومة من الطلاب في البداية لأنهم لم يفهموا ما كان عليه فعلا". "اعتقدوا أنه كان علامة على الضعف، أن الطلاب الذين يعانون من مشاكل فقط يذهبون إلى المعلمين. وقد استغرق الأمر بعض الوقت لكي يدركوا أن هناك فائدة من وجود تلك الساعة كل أسبوع مع أحد الموظفين ".
وارتفعت معدلات الاستمرار في العملية التعليمية من 77٪ إلى 85٪ في الموسيقى، و 81٪ إلى 89٪ في الأداء، ولكن كان هناك تأثير أوسع أيضا في الاتصالات.
يقول مولينو: "ان الموسيقى والأداء كشفوا أنه يمكن حل المشكلات التي اثارت الجدل بسرعة كبيرة". "بدلا من أن يكون هناك شيء يؤدي إلى شكوى رئيسية في اجتماع لجنة الموظفين والطالب - والذي قد يحدث في منتصف الطريق خلال الفصل الدراسي، وفي اجتماعات لجنة الموظفين والطالب، كان عدد القضايا التي تم طرحها أقل بكثير ".
ومنذ ذلك الحين قامت الجامعة بتعديل سياسة صوت الطلاب لتشمل المزيد من المناقشات غير الرسمية بين الموظفين والطلاب، على أمل مواصلة هذا الاتجاه.
"تبادل الأفكار"
في الولايات المتحدة، حيث ان الاستمرار في عملية التعليم هي مشكلة أكبر بكثير، قررت مجموعة من قادة الجامعات لمعالجة هذه المسألة معا. ويتألف التحالف الجامعي للابتكار من 11 مؤسسة، تعمل معا، شعارهم "إنشاء دليل ابتكارات لمساعدة الطلاب من جميع الخلفيات الأسرية على التخرج من الجامعة".
وقد بدأ المشروع بمحادثة بين قادة الجامعات في عام 2013، ويوضح "بريدجيت بيرنز"، المدير التنفيذي للمنظمة : "لقد سئموا من رؤية الكثير من الترقيع والتقدم القليل جدا من حيث معالجة فجوة الإنجاز الوطني، لذلك قرروا وضع ايديهم معا".
وفي كل عام تتبنى جامعات التحالف مبادرة تثبت قدراتها فقد تم استخدام التحليلات التنبؤية، ثم المشورة الاستباقية.
على سبيل المثال، يتتبع عضو التحالف من جامعة جورجيا الحكومية حوالي 800 مؤشر للأداء - من حضور المحاضرات إلى الدرجات المستلمة في المهام - ويصدر كل يوم إنذارين لأي طالب يتطلع إلى التسرب، وتنشر الجامعة 3000 ساعة عمل أسبوعيا للعمل مع هؤلاء الطلاب.
وهو نظام اعتمده جميع أعضاء التحالف وكان له آثار ملحوظة: فقد ضاعفت ولاية جورجيا معدل تخرجها على مدى سبع سنوات، وهي تغلق فجوة التحصيل بسرعة. وبموجب هذا النظام، تدفع الجامعات ما يصل إلى 1000 دولار (786 جنيها إسترلينيا) مستحقة على حسابات الطلاب ذوي الدخل المنخفض الذين من المقرر أن يتخرجوا. وعلى الرغم من أن مثل هذه التدخلات تتطلب الاستثمار، فإنها يمكن أن تسدد بسرعة. وفي ولاية جورجيا، يقول بيرنز إنهم استثمروا 1.8 مليون دولار في التحليلات التنبؤية والاستشارات الاستباقية، ولكنهم يشهدون عائدات بقيمة 3 ملايين دولار لكل زيادة بنسبة 1٪ في الاستمرار بالتعلم
أرسل تعليقك
تعليقك كزائر