كلميم - صباح الفيلالي
تحتضن أقاليم؛ كلميم، وأسا، وطاطا، أكثر الواحات الجنوبية الغربية للمملكة المغربية، والتي تمتد على شكل شريط بجانب جبال الأطلس الصغير، إلى أن تتصل بالمجال الأطلانتيكي، وتساهم تلك المناطق ذات المناخيات المعتمدة في مؤشر التنوع البيولوجي، كما تحددها محمية المجال البيولوجي المصنفة من طرف "اليونسكو"، وتزخر تلك الأقاليم بثروة نخلية طبيعية كبيرة.ويعطي التراث الثقافي للمنطقة دلائل على أن التواجد الإنساني يعود للمرحلة الأخيرة للعصر الحجري، وبينما يذكر نمط البناء بجمالية العمران المرابطي والموحدي، يشير الموروث الديني للزوايا المحكمة البنيان إلى التقاليد الغنية التي تصنف في إطار التراث غير المادي.وتواجه واحات؛ كلميم، وأسا، وطاطا، كمثيلاتها من الواحات الأخرى، أزمات متعددة تهددها في تواجدها كأزمة الماء، حيث النقص المهول في المخزون المائي الذي سببه التدهور الأخير للظروف المناخية من جهة، وهو ما أدى إلى إنهاكها وإتلاف مئات الهكتارات من أشجار النخيل.وهناك أزمة النخيل، التي ترجع إلى شيخوخة أشجار النخيل، (حيث لا تتجاوز نسبة الأشجار المثمرة 40%)، وأيضًا لشيوع بعض الممارسات غير العقلانية المتعلقة بنمط الاستغلال، وأضف إلى ذلك تدخل عوامل أخرى من بينها، مرض البيوض، والأمراض الطفيلية الأخرى، وتملح الأراضي، وظاهرة الانجراف، وزحف الرمال، والتي ساهمت في التقليل من جودة المنتج، وتفاقم الوضعية.أما الأزمة الزراعية، فبدأت بالتجزؤ المتوالي للأرضي، نتيجة عامل الإرث العائلي، وهو ما أدى إلى كثرة القطع الصغيرة غير الطافية لإنتاج محصول في المستوى، ونتج عن ذلك تراجع المساحة المزروعة والإنتاجية، وضاعف من ذلك الكثافة السكانية للواحات، إذ وصلت في بعض الحالات إلى نسبة 700 نسمة في الكيلو متر المربع، وساهم في تعميق الأزمات؛ الزراعية والاجتماعية للواحة، توجيه الزراعة في الواحات نحو بعض المنتجات الجديدة، تبين فيما بعد بأنها غير ملائمة وغير مربحة كذلك.وتجلت الأزمة الاجتماعية في اختفاء نظام التدبير الجماعي للثروات المعتمد على الزراعة المشتركة، والإرادية، والانضباط، والتضامن، وبروز قيم الفرد الناتجة عن الحداثة، وهجرة القوى العاملة، والنمو الديمغرافي، وكلها عوامل مسؤولة عن التغيرات المجتمعية التي عرفتها المنطقة، وأدت إلى التأثير على التنمية الخاصة بالواحات والثروة النخيلية.وتتمثل الأزمة الترابية، في كون الواحة، المهجورة أو المهملة، لم تعد تلعب دورها كما في السابق في مجال الحفاظ على الثروة المادية والمعنوية لامتداد أرحب وأوسع من مجالها الجغرافية.وأكد مصدر من برنامج "مكافحة التصحر ومحاربة الفقر"، أن "معالجة تلك الأزمات لا يكون إلا من خلال تثمين الواحات الخاصة لتلك الأقاليم، وتقدير المؤهلات"، مشيرًا إلى أن "مكافحة التصحر يشكل خطرًا حقيقيًّا بفعل التقلبات الجوية والخسائر التي يشهدها الكون، في ما يتعلق بالتنوع البيولوجي، ولابد من محاربة الفقر بالحفاظ على الموارد الطبيعية، والواحات الخاصة بأقاليم؛ كلميم، وأسا، وطاطا، وهذا البرنامج يتطلب انجازه 5 سنوات بشراكة مع وكالة الجنوب وبرنامج الأمم المتحدة للتنمية وجهة كلميم السمارة".وأضاف، أن "البرنامج يهدف إلى الحفاظ على نظام استغلال بيئي دائم، وإرساء نظام حيوي للزراعية في الواحات، وستستفيد منه الجماعات القروية والحضرية وفلاحو الواحات، والمجتمع المدني، والنساء اللواتي يعملن على الحفاظ على الثروات الطبيعية، والقطاع الخاص النشيط في السياحة"، موضحًا أن "البرنامج يهدف إلى تركيز جهوده في 8 واحات، وهي؛ فم زكيد، وطاطا، وأقا، وفم لحسن/ تمانارت، وأسا، والزاك، وتاغجيجت، وأسرير، وتغمرت".أما في ما يتعلق بالحفاظ على الواحات، فهناك الاقتصاد في استعمال الماء، وحسن تدبيره، واستعادة جودة التربة والأراضي، وإحياء النظام البيئي الواحي، ومحاربة التصحر والانجراف، وبشأن ما يخص الإنتاج؛ فستتم تنمية الزراعة، وتقوية قطاع تربية الماشية، ودعم العمل النسائي، ومساعدة الجمعيات المتواجدة في الواحات، أما التثمين فيتضمن إدراج إجراءات الجودة، وانتقاء المنتجات، وخلق وحدات إنتاجية ذات طابع خاص في المنطقة، كما تُشكِّل المنطقة المزروعة في الواحة 3 طبقات، وهي أشجار النخيل، ثم الأشجار المثمرة.
أرسل تعليقك
تعليقك كزائر